الاحتباس الحراري يدمر الشعاب المرجانية في بحار العالم
أدت زيادة تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى تدمير مساحات شاسعة من الشعاب المرجانية الموئل الطبيعي لعدد كبير من الكائنات البحرية
المهندس أمجد قاسم*
جنسترا - أدى التغير المناخي وزيادة الانبعاثات الغازية، إلى حدوث انعكاسات خطيرة على بيئة كوكب الأرض طالت معظم أشكال الحياة وهددتها بالفناء والزوال والاضمحلال خلال السنوات القليلة القادمة.
وتعد الشعاب المرجانية الأكثر تعرضا لمخاطر التغيرات المناخية، جراء زيادة غازات الدفيئة في الجو وارتفاع حموضة البحار والمحيطات بسبب ذوبان ثاني أكسيد الكربون بشكل متزايد في المياه وتكون حامض الكربونيك الذي يهدد تلك الشعاب المرجانية بالزوال والفناء.
وقد أكد تقرير صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية أن خمس مساحة الشعاب المرجانية في العالم، فقدت بالكامل وهو ما يعادل 19% منها، كما أكد التقرير أن 35% أيضا من تلك الشعاب مهددة بالزوال خلال السنوات القليلة القادمة.
وهذا التقرر يمثل خلاصة أبحاث ودراسات شارك بها أكثر من 372 عالما متخصصا من 96 دولة، وقد اشرف على فريق العمل العالم الاسترالي كليف ويلكنسون، وقد بين التقرير أن المخاطر التي تواجه الشعاب المرجانية تتمثل في الدرجة الأولى بالتغيرات المناخية المتسارعة التي شهدها كوكب الأرض خلال السنوات القليلة الماضية وتراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي وزيادة حموضة المحيطات، مما أدى إلى ابيضاض الشعاب Coral bleaching ، كما أسهم انتشار بعض الأمراض وزيادة أعداد الكائنات الدخيلة وضواري الشعاب إلى تدمير جزء كبير من هذه الثروة البحرية الهامة.
كائنات بحرية هشة
تتميز الشعاب المرجانية بأنها كائنات بحرية حساسة لكافة التغيرات في بيئتها، كدرجة الحرارة ودرجة الحموضة والتلوث وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى تغير في التوازن الأيكولوجي للبيئة البحرية الخاصة بها.
وتعد الموائل الطبيعية لهذه الكائنات من أولى الأنظمة البيئية البحرية تأثرا بالانعكاسات الخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمية الناجمة أساسا عن زيادة تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، حيث بينت الدراسات البيئية أن زيادة تركيز بعض الغازات في الغلاف الجوي كغاز ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى زيادة كمية هذه الغازات الذائبة في المسطحات المائية مما ينجم عنه ارتفاع كبير في حامضية المياه بسبب تشكل حامض الكربونيك H2CO3 في المياه، الذي يتفاعل مع أيونات الكربونات الموجودة في المياه، ككربونات الكالسيوم المكون الرئيس لهياكل الشعاب المرجانية، مما ينجم عنه ضعف حاد في تركيب تلك الكائنات البحرية، وهذا بدوره يؤدي إلى إصابة الشعاب المرجانية بظاهرة الابيضاض، أضف إلى ذلك أن ارتفاع درجة حرارة المياه يسهم أيضا في حدوث هذه الظاهرة المدمرة للشعاب المرجانية.
وتعد ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية، من الظواهر المعروفة عالميا، وقد شهد العالم حدوثها في عدد كبير من البيئات البحرية العالمية أشهرها في عام 1998حيث قدرت الدراسات أن زهاء 16% من مساحة الشعاب المرجانية في العالم أصابها الدمار، وأعقب ذلك في عام 2002 حدوث مثل هذه الظاهرة، ويتوقع علماء البيئة انه خلال السنوات القليلة القادمة سوف يشهد كوكب الأرض مثل هذه الظاهرة الخطيرة والتي ستكون واسعة الأثر ومدمرة لمعظم موائل الشعاب المرجانية في العالم.
إجراءات عاجلة لا بد منها
لقد اشتمل التقرير الصادر مؤخرا حول حالة الشعاب المرجانية في العالم، على جملة من التوصيات العاجلة التي لا بد من تنفيذها لإنقاذ تلك الكائنات البحرية التي تلعب دورا هاما في حفظ التوازن الطبيعي والحيوي في البحار، ومن أهم تلك التوصيات ضرورة الحد من كمية غازات الدفيئة الملقاة في الغلاف الجوي، وإنشاء مزيد من المحميات البحرية، وحماية الموائل البحرية للشعاب المرجانية، وزيادة الوعي البيئي بين عامة الناس، وتحسين مستوى الإدارة الساحلية، ومنع إلقاء النفايات السامة والمواد الخطرة في البحار، والحد من الأثر السلبي لمشاريع التنمية الساحلية ومشاريع السياحة البحرية على الموائل الطبيعية للشعاب المرجانية، والتركيز على أن ردم بعض المناطق الساحلية ينبغي أن لا كون على حساب البيئات الطبيعية لتلك الكائنات البحرية، والتي سيقود فنائها إلى إحداث دمار شامل يطال كافة عناصر الحياة الطبيعية في بحار